بيني بين نفسي قلت :
توه الراجل ، سي خير الدين ، كبر بيا . وقدم آعتذاراتو . من باب التربية يلزمني نقبلها ، و يلزمني نقبلها باش نكمل معاه الحديث ، الراجل بينا وبينو تاريخ طويل ..
نقبلها على خاطر أنا أنسان منطقي . لوكان جينا في الدنيا ، في وقتو هو ، ويعطيني كف _ مثلا _ .. قلنا مثلا راهو .. نروح للدشرة متاعنا فرحان وزايط .. ونعمل طبال وزكار ، ونذبح بقاري ، ونجيب الطامة والعامة ، قال شنوة سيدنا الوزير لكبر متعدي .. شافني قاللي :
كي سبتك ياولد ؟..
حشمت انا منو دنكست راسي _
في الحقيقة ، روسنا الكل في هاك الزمان ، كانت مدنكسة ،
كيف ما جاوبتوش .. هبط من عالحصان متاعو ، وعطاني كعبة حلوى !
تصور ..
يقول القايل علاش تكذب ياسيد ؟
نجاوبكم ياسيادي :
ماني بكعبة الحلوى الملبس الخضراء هاذيكا ، واللي مطعمها فليو ، باش نعمل حتى انا البوليتيك !
و سرح بيا الخيال وقلت :
اش كان عليه ، ماو نعمل مالكف حكاية ، ونبدل الكف اسيدي ، نردو كعبة حلوى ، والدمعه نبدلها بضحكه ، ونعمل من هالحكاية زازة وهيلولة ، واسمع ياللي ما سمعتش ، ويسمع بيا القايد ، والخليفة ، والصبايحي ، ويهزوهالو باردة وسخونة ، بالطبيعة الراجل باش يقول :
هالولد فيه ما يكتم السر !
وأنا بطال ، مزمر ، فقير ، وجد أصلي منحي !
اشبيك ، هنشير كامل نحاهولنا سيدنا الباي ، وخللى الجدود تعاني وتقاسي ، وعينيها تخزر ، أمالي الدشرة الكل ، صبحوا من يومهم ربنا كما خلقتنا ، أشكون كان يقول للباي : قو . سيدنا راهو . ينجم يبعث محلة بالسكر متاعو ، يحرقنا في ديارنا ، ونمشيو لا نايحة لا دفينة ..
عاد موش خير الواحد يبدل الكف بكعبة حلوى ، ويفضل هالتتريكة هاذي ، خير مالموت المشنعة ، وعساكر الباي ، لا يعرفوا لا رحمة ولا شفقة ،..
أوه ضيعتكم معايا .. نرجعو وين كنا ..
قلت :
وقت اللي يسمع بيا عملت زردة عالكف اللي عطاهولي .. ويوصللو خبر الكف اللي وللى كعبه حلوى ، هو بيدو كي باش يسألوه القوادة متاعو .. ما ينجمش يكذبني .. وهكاكا نمشيو كذبة بكذبة .. آنا مانيش خاسر وهو ماهوش خاسر ..
شفتو ماو الكف اللي أنا رجعتو كعبة حلوى ، آش باش ندبر في جرتو ؟ ماو ساعتها باش يناديلي ، ويخدمني عندو ، وبالشوية بالشوية نوللي في الحاشية ، نتعرف على مرتو وعالمحضيات متاعو ،، نحب نقوللكم :
راهو الوزير الأكبر ، ما كانش ينقصو التلبيق ، والتروميز ، وقلة الحياء ..
أوه .. أشبيني مشيت لبعيد وهزيتكم معايا لبرور الدنيا لخرى ..
ما عليناش قلتلو :
آعتذارك مقبول .. ياباشا ..
فرح سي خير الدين وقعد مقابلني .. وقاللي :
بارك الله فيك ..
قلتلو :
من غير مزية ، لكن ما تقلليش أشبيك لهنا ، يضهرلي فيك درا اش عامل من عملة ياوحيد انت اااه .. مالا عندك مديدة تستنى ؟
قاللي :
طويلة .. طويلة برشه .. عد لين تفد .. ثرنتو الحساب صعيب .. ما كنتش نظن الأمور لهنا هكا ..
قلتلو :
ماك حتى أنت لزيتلها بارشه موش شوية ياباشا ، ودبرت راسك ، الباي كان مستامنك عالخزنة ، في بالو اللي أنت ، رأجل ثقة ، موش كي اللي سبقوك ، وموش كي اللي عندنا توه في الدنيا ، هات شاشيتك هات صباطك ، يخطفوا سنين الكلب وهو ينبح ، عاد ارتاحلك سيدنا ، وعطاك هاك الذهب ، والديامنت ، والزمرد ، والحلي المرصع بالشيشخان ، باش تبيعهم ، وتخلصلو ديونو ، ياخي أنت هردتها ، وليت توزع فيه عالمحضيات متاعك ، ماهو ياجنرال ، الكتايب ما زالت موجودة ، آش تحبني نقللك ، راك حتى انت ما خليتش من روحك زادة ودورت صويبعاتك ..
خير الدين ، وجهو لخلخ ، وتلفت يمينا ، تلفت يسارا ، وطبس عليا وقاللي :
ما تقول هالكلام .. نصارى الكتايب موجودة لتو ..
قلتلو :
مالا.. لا .. وبخط العدول .. في لرشيف متاع الأيالة .. وفي لرشيف متاع الايالة شيء ما يضيع .. كلو مسجل في الزمامات والكتايب .
قاللي :
ياوالله أحوال .. ياوالله حوال ..
قلتلو :
ياباشا ، ثمه حاجة أخرى لازمك تعرفها ، هاك الكتاب اللي سميتو اقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك ، واللي _ سوا ديزون _ أنت كاتبو ، واعطيتوا هاك العنوان ، بارشة ناس ، يعرفوا اللي هو موش متاعك ، ولا من تاليفك ، وأنت مقتبسو عالفرنسيس ، وقت اللي مشيت لباريس _ سوا ديوزون _ باش تبحث مسألة المديونية ، والحوفة متاع الحاشية اللي هربت الفلوس ، وخلات البلاد سقف وقاعة ..
دنكس راسو خير الدين باشا وقاللي :
قداش تحفرو .. الله يتولاكم ..
قلتلو :
توه بالله يا جنرال ، انت بالكاد تفك الخط ، وما عندكش لا موهبة ولا قدرة ع الكتيبة ، وثمه شبهة كبيرة اللي الكتاب اللي حاطط عليه اسمك كتبهولك بن ضياف ، اش عندك ما تقول تره ..
دنكس الجنرال راسو ، ومكنتو الرعشة ، وبدأ يغمغم ويهمهم ، ويتهز ويتنفض .. كملت قلتلو :
ياباشا . أحنا ماناش نحفرو . أما الحقيقة ، كي نبداو ماشين في ثنية التاريخ ، لازمنا نخزرو ونلوجو عالحفر .. توه ، مثلا ، ياباشا ، هنشير دار الباي ، كيفاش هداهولك الباي ؟ وعلاش هداهولك تره ؟ تو هالكلب التركي الأنكشاري الزفت ، يفك متاع الناس ويعطيهولك ، كيفاش تجي هاذي ، بانا مناسبة
تره قللي ؟ وبانا صفة ياسيدي ، تنجمش تقللي ؟ وتنجمش تقللي ، أذا كان بالحق أنت مصلح ، ونزيه ، وصالح بالمنجد ، علاش قبلت هالهدية المسمومة ؟ ياخي أنت سيدي تاتة ، وألا وزير أكبر ، ما تعرفش اللي هاك الباي ، هدالك حاجة غاير عليها ، ما هياش متاعو ؟ شفت ياباشا قداش أنت ماكش نزيه ، وماكش صالح ، وماكش مصلح في المسألة هاذي ؟ هاوكا جماعة تاكرونة ، وجرادو ، والزريبة ، وهرقلة ، قعدوا يقاسيو لتوه ، قال شنوة قال أملاك الدولة .. ومن بعد جاء الجلاء الزراعي ، اللي عملوا الزعيم ، حتى هو زاده ، خرجنا بأيدينا على روسنا ، شفت سيدي أشنية أعمالك وعمايلك الحرفة والمنحرفة ؟
باهي وكيف انت اقترحت على بن عمار باش يشري الهنشير من عندك ، والراجل كان صادق معاك ، قاللك إمكانياتي ما تسمحليش باش نشريه ، اشبيك بعتو للشركة لفريقية الفراساوية تره ؟
الباشا خير الدين قعد عالتراب ..
ونحا شاشيتو الماجيدي ..
ولوح نواشنو ، ووللى يبكي ويضرب على فخاذو كي الولية اللي تعدد وقاللي :
غلطوني .. الله غالب .. أنا مانيش شمس نزرق على بر تونس .. ما كنتش نعرف اللي المسايل باش توللي هكا ..
مالا قللي هاك الناس مساكن مشات فيهم وفي الحشاشة ؟
قلتلو :
اشنوه ياباشا .. توه تحسايبني مالجماعة اللي عاشوا في وقتك تدز عليا في عجلة الكروسة متاع جد أصلك ، في بالك انا درويش قدام سيادتك ، فيق ياراجل ، واحشم على روحك ، راهي العملة الكبيرة الي عملتها تتعدى في خانة الخيانة العظمى ، يعني ما كفاناش استعمار لتراك ، زدتو سلمتونا للاستعمار الفرنساوي ، لزمه احنا عند دين سماكم ، باهي ثمه حاجه أخرى ما زلت ما قلتهالكش !
تفجع خير الدين . حل الفيستة متاعو . عاود جبد شاشيتو الملوحة وبدا يضرب بيها في التراب ، أي نعم ، شاشيتو الماجيدي هاذيكا ، اللي مصورينو الفساد بيها وهو على حصانو لبيض ، لا ، وزاد نحى صباتو ، وقاللي وهو يبكي :
بالله وليدي قللي اشنية الحاجة لخرى ؟
قلتلو :
ما زال ثمة الواقعة الأهم ، والجريمة الأكبر في تاريخك لحرف .
قاللي :
آشنية وليدي ، راك طيحتلي الدمار في ركايبي . بديت نشم فيها قارصة . ؟
قلتلو :
موش كان بيعانك في هنشير النفيضة للشركة الأفريقية الفرانسوية برك . وهجانك من بعد للأستانة ، قال شنوة قال الباب العالي عينك عندو صدر أعظم ! نحب نسألك تنجمش تقللي ، علاش بعت تراب تونس ، ياللي مكش تونسي ، للفرانسيس ؟ تنجمش تقللي الفلوس اللي قبضتها وين مشات ؟ تنجمش تحكيلنا بوضوح على علاقاتك بالفرانسيس والأتراك ، وعلاقة الأثنين ببعضهم ودورك أنت بيناتهم ؟
ولاش سي خير الدين يتمرغ في التراب ، تقولش عليه درا شكون ماتلو ..
شديتو من يدو ، سخفني ، وقفتو على ساقيه ، وهو يترعد مالفجعة ، وحالتو ولات تكرب ، وتسخف الحجر . قلتلو :
أسمع ياجنرال . التاريخ ما يرحمش راهو ، و الشعوب ما تنساش وما تتخلاش على حقوقها ، تسامح نعم ، لكن ما تنساش ، نخليك تحاسب نفسك ، و اعتذارك ياباشا ما عاد يفيدنا في شيء .
( هنا نوقفو حكاية سي خير الدين )
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire