dimanche 8 décembre 2019

المغناطيس 3/3


بعدما حط السارفور فنجان القهوة ، وكأس الماء ، قاللها : بالشفاء يا مدام  ،
قاللو هو ، وبنفس اللهجة الجادة  :
يعطيك الصحة ، وسامحنا في تعبك ، وبربي ما تبعدش علينا برشه ، تقومش المدام تضحك مرة أخرى ، وتقلب علينا المرمة واللي ثمه ، وتزيد تفرعسها من جديد ، راني نعرف هالنساء  ، كي يتسيبو في الضحك ، عبارة على "فانا" تحلت في سد سيدي سعد ، كي تسيب الماء ربي يستر وبره ..
ضحك السارفور  ومشى ،
خزرتلو ، وضحكت ضحكة مليانة بالرضا و البهجة ، ورمات  عينيها في عينيه ،  تشكر فيه على هالجو البهيج اللي عملو ، و خلاها تبدأ نهارها بالضحك ، قالتلو بلهجة فيها برشه دلال ، وبرشه عرفان :
والله ، قلتلي اسمك عمي الضحك ماو ،  يرحم والديك ، ياعم الضحك ، تو عندي سنين وسنين  ما ضحكتش هالضحكة الصافية ، الخارجة من عروش القلب .. انا اسمي وردة ، اسم كلاسيك ، قديم ، ما عادوش الناس يعطيوه لبناتهم ، لكن انا اسمي باهي ومرتاحة فيه وعاجبني برشه ..
تبسم وقاللها  :
نتشرف يا احلى واجمل وردة ، اش خير من ورد اريانة ، المفتح ، اللي يفوح ويرد الروح ، والله اسمك يعطيني احساس بالصفاء والرقة والجمال ، اش خير مالورد يا احلى وردة !
وردة ، وجهها حمار وتبهذلت ، ما كانتش تتوقع اللي هالراجل العجوز القاعد قدامها ، عندو هالقاموس هذا مالغزل ، غزل آثار فيها مشاعر حلوة ، و رجعها سنين لتالي ، وعاود زرع فيها قلبها آلاخر ، قلبها اللي نساتو وهجرتو وهجرها ، وقعدت عايشة بقلب آخر ، كاينو قطعة ميكانكية ، وظيفتو توزيع الدم في بدنها .
عمل رشفة من قهوتو ، ورجع الفنجان بيدو اليسار اللي ماكنتها شوية رعشة ، بعد فترة من علاج كيميائي ، جراء استئصال ورم سرطاني شويه لا هزو وراء الشمس ، وبعدما طمان لحطان الفنجان من غير مشاكل قاللها  :
شوف ، انا باش نقللك على اسمي اما ما نحب يسمع حد لا يقوموا يضحكوا و ترصيلي مبهذل ، انا اسمي عمك عمران ، كي تمشي للدشرة متاعنا ما تسمع كان عمران وعامر وعمار وعمر  وهكاكا ، اسم كيما تشوف ، يتبع الأسماء الأثرية  بحيث لازم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث تلقالو حل مع اليونسكو ، باش تسجلو ضمن الأسماء النادرة ، اللي يلزمها تعمل على احياؤو ، والمحافظة عليه مالاندثار والنسيان ، ياخي بالله غالط في اللي نقول فيه ، هام يسجلوا في الكسكسي والبسيسة ، و الفخار ، علاش ما يتسجلش اسم عمران ، اشبيه اسم عمران ، فيه حاجة ميش باهية ...
وردة تخزرلو وباهته تحب تضحك ولكن غالبتها البهتة من هالراجل الكبير التحفة ، اللي ارتاحتلو برشه و عجبتها ياسر روحو الخفيفة ، وضمارو وطريقتو في الكلام ، وبعد ما تخلصت من تأثير البهته علات صوتها بالضحك و قالتلو  :
ياعمي عمران ، لا ، خليني نعيطلك ياعمي الضحك ، بربي ساعد عليا ، راني ما عادش نشد روحي عالضحك وانا مرا كيف تتسيب عليا ال"فانا" متاع الضحك ما عادش ننجم نسكرها .. 
سمعها عمران وتبسملها ، وعمل تنهيدة فيها شوية تمثيل ، ومن بعد قاللها  :
ايه.. ايه.. شفت الاسامي يا وردة يا باهية ، الواحد يقول : صحة ليك ، ما أحلى اسمك ، وما شاء الله عليك في بهاوتك ، واناقتك ، وفي ذوقك وفي مشطتة شعرك ، وفي ريحة الكولونيا متاعك ، ما شاء الله ريحتها تفيق الميت ، وفي لبستك ، وفي ضحكتك ، الحق الحق نقللك يا وردة ، عندك ريشه متاع ملكة متوجة ، ما شاء الله عليك .. 
وعاود حط عينيه على عينيها ، شافها كيفاش سرحت وشدتها بهته ، وولات كايني مجنحة في ملكوت أخرى ، ما فاقت كان كي قاللها ، يستدعي فيها من جزر الأحلام ، والشوق ، والهيام :
 اش جاب يا وردة اسم عمران لاسم وردة ، واش جاب وردة لعمران ، تره قللي !
تنهدت حتى هي على طريقتو المسرحية وقالتلو تماري فيه :
مكتوب ربي ياعمي الضحك  ..
وردة غلبتو هنا ، وخلاتو يضحك بصفاء .. ومن بعد زادت :
والله ما يضهرش عليك الكبر ، تبارك الله ، الصغارات موش كيفك في خفة الروح والضحكة الصافية والمرح و البهجة تقولش عليك عادك وين حطيت ساقك في الدنيا ..
قاللها :
ااا/وي ، يعطيك الصحة في هالملاحظة الذكية ، فعلا انا نعيش وكايني ما زلت كي حطيت ساقي في الدنيا ، رغم الظروف اللي عشتها ، عشتها بالمر بالحلو اللي فيها ، لكن انا نأمن اللي احنا ، تخلقنا باش نعيشو حياتنا بالطول والعرض ، شوف اليوم مثلا ، انا جيت لهنا لأول مرة ، قلت نقعد بعيد عالناس ، والمكان رايض ونظيف ومافيهش برشه حس ، تجي انت تقعد قدامي ، اول ما جات عينيا في عينيك حسيت ، كيف انت قعدت وقربت بحذايا.، وخزرتلك وخزرتلي مليح ،  اللي هالعينين اللي تحت حواجبك المزيانين فيهم مغناطيس ، في خزرتهم الجريئة ولونهم العسلي العجيب جاذبية ماكرة ، وما نتذكرش شفت عينين كيفهم قبل ، ما سكتش ، تكلمت ، نطقتني ، سبحان الله ، حب الجمال نعتبرو مالايمان ، بحت باللي حسيت بيه ، الساكت ع الاعتراف بالجمال ، شيطان وملعون وبكوش و يستاهل النفي من بر تونس  !!
ضحكت هاك الضحكة المجلجلة من غير تكلف قالتلو :
ياعمي الضحك ، ياعمي الضحك ، بالشوية عليا ، راني عندي سنين وانا كي الدار المهجورة ، عندي برشه عنكبوت من كثر ما  ماعادش نسمع الكلام الحلو المزيان كيف هذا .. وحتى اللي كانوا زمان ، زعمه زعمه يقولو كلام حلو وباهي ، عندهم كليمتين حافظينها كي الاناشيد المدرسية ، من بعد حل وذنك ما تلقى ما تسمع ، المرا التونسية مسكينة ، قاموس الغزل في لغتنا فقير ، سكولات ، جلد عالعضم ، وما نعرفش منين جانا هالفقر ..
قاللها :
بيني وبينك ، حتى الراجل زاده ، كي المرا ، يقاسي في المرمة هاذي ، من قلة التربية ، مالبداوة والتصحر والتخشنيب ، وقلة الذوق ، وانعدام السلوك المتحضر ، شوف كي تسمع واحد يعلق لصاحبو على مرا شختورة ومزيانة وماليه الدنيا بجمالها واناقتها اش يقول ،  كان عمل لمليح يقول :
تفرج .. تفرج هاك الشلخة المتعدية عالمادة لخرى ياصحيبي ، ووه مللى قعر ومللى هيا ! وفي الريف يقولوا كلام اشنع ينعتو المرا كي يوصفوها بالآرخة ..
احنا بلاد الخضار ، الزيتون والنخل ، والبرتقال و الأزهار والورد واللوز والفل والياسمين ، كيفاش وصلنا هكا .. 
بالله تره قللي ، ويني لغتنا التونسية الرقيقة  الباهية ، وينو الذوق في الوصف ، خوذ كلمتين يلخصولك الحالة الهمجية اللي توريك الدمار الحضاري لزرق اللي زحف علينا من صحاري الربع الخالي... شفت اللي يعيشو مجتمعنا توه ماو ، ومن بعد ، هاك السيد هاذاكا ، يتزوج ويوللي نهار كامل وهو في القهوة يا يلعب في الرأمي ، يا يتفرج على ماتش في الشامبيونز/ليغ ، ومن بعد يروح يتكب يرقد ..
 قالتلو  :
 والله عندك الحق  ياعمي الضحك يا باهي ، يقول القايل حقو توه في مجتمعنا يعملو أنشطة للتربية الحضارية ، اهو عالاقل نستردوا شوية من قيم الجمال اللي انتهكوها ورجعوا البلاد مليانة بالاشباح ، واللون لكحل اللهم عافينا ، قال شنوه قال متدينات ، ياخي شبينا نحنا كفار بالله ..
خزر للوقت في البورتابل متاعو وقاللها  :
يعطيك الصحة يا وردة الورود ، ماذا بيا نولليو نتقابلو كل نهير احد ، عالاقل الواحد يستمتع بالجمال والأناقة وخفة الروح ، حاصيلو ما أجملك وما احلاك ، والله ميش مجاملة ولكن اعتراف بحقيقة .. هالصبحية هاذي رجعت فيا الروح ..
قالتلو وهي تحضر في روحها باش تقوم  :
والله الشرف ليا انا بمعرفتك ، الوقت معاك مايعرفش الواحد كيفاش يتعدى ، وعملت إشارة للسارفور كيف جاء حبت تخلص المشروب خزرلها خزرة فيها لوم  وقاللها :
كيفاش توه هكا ،
وضحك وهو يمد الفلوس للسارفور وقاللها :
موش قلنا الرجال قوامون على النساء ..
مدت يدها باش تعاونو يقوم من عالفوتاي ، مدتلو عكازو ، وشدتو من ذراعو لين وصلتو لباب كرهبتو وباستو بوسه فيها برشه محبة بعدما قالتلو :
 هات هاك البوسة المرصوصة يا احلى راجل شفتو في الدنيا ، والله عندي مده طويلة ما شفتش راجل حلو وباهي وشهلول وضحاك كيفك انت !
قاللها بفدلكة  وضحك :
اشنوة للا علاش ناوية تره ،
ايا إلى اللقاء نتقابلو ديما في الخير ..
 سجل تليفونها وسجلت تليفون ..
ديمارا الكرهبة وعمل إشارة تحية بيدو وغاب ...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire